تسلقت حرباءٌ شجرة، اعتلت الجذع فتلونت بلونه، بلغت الأوراق فتقمصت خضرتها، اقتربت من الزهرة فارتدت لونها، والتفت حول الثمرة فتبدلت إلى لونها. يُروى أن الحرباء عاشت تجربة الشجرة بكل تفاصيلها، فتباهت بالجذع وقوته كأنه جذعها، وبالأوراق وبهائها كأنها أوراقها، وبالأزهار ورقتها، وبالثمر وطيب طعمه و كأنها صفاتها الخاصة ...
إستاءت الحرباء من تقليد الشجرة و تتبعها لها ، ثم أشهرت إعلانا ، شددت فيه على أنها تكره تقمص الأشجار لها و بأنها لا تحب ذلك ، صبرت الحرباء على تقليد الشجرة لها كثيرا فهي حليمة جدا ، و من ثراءها النفسي غفرت الحرباء للشجرة تشبهها بها ، بل و منحتها فرصة لتتعلم درسا منها ، بأنه يجب أن لا نتقمص بعضنا البعض ...
إنبهر المارة من هذا الإعلان ، فهم حقا لأول مرة يشاهدون حرباء مزهرة مثمرة بل و تخبر عن نفسها وتقول أنا هنا انظروا إلي ! ، إنني حرباء لدي جذع و أورواق و زهر و ثمر ! بدل التلون على ظهر الأشجار في صمت ...
حرابي هذا الزمن من بلد العجائب ! حرابي هذا الزمن تنافس الأشجار على قيمتها و تكوينها ! حرابي هذا الزمن ناطقة بما ليس فيها ، لعلها تصبح شجرة في أعين أعداء الطبيعة .